تنوير الأبصار في برنامج مسار

السلام عليكم
عبد الغني التايك : باحث تربوي

    حسب تعريف اليونسكو فان " تكنولوجيا التعليم هي منحنى نظامي لتصميم العملية التعليمية وتنفيذها وتقويمها كلها تبعًا لأهداف محددة نابعة من نتائج الأبحاث في مجال التعليم والاتصال البشري مستخدمة الموارد البشرية وغير البشرية من أجل إكساب التعليم مزيدًا من الفعالية " .
         لقد أصبح لزاما الآن تحديث الممارسة و التدبير الإداريين في الوسط المدرسي ، تماشيا مع المستجدات في مجال التدبير وردما للهوة  الرقمية التي تفصل بين الدول المتقدمة ودول ما يسمى بالعالم الثالث ، حتى لا نبقى قابعين في قاع الحفرة التي موقعنا فيها أنفسنا – أو موقعنا فيها الآخرون – فتكنولوجيا المعلوميات لم تعد ترفا بل أصبحت ضرورة حتمية ، و التحول في أنماط التدبير الإداري مسألة في غاية الأهمية من أجل تحقيق الحكامة المنشودة ، إذ أن التحول التنموي بكل معانيه و مضامينه الاقتصادية و السياسية و الحضارية يستوجب عناصر السرعة والدقة والإتقان و الشفافية في الأداء الإداري ، وتدبير منظومة التربية والتكوين لم يعد في منآي عن رياح هذا التحديث  .
1 - إدارة بلا أوراق :
         يمكن إجمال الإدارة الإلكترونية المدرسية في أنها تحويل الأعمال و الخدمات الإدارية التقليدية من طول الإجراءات وتعقّد المساطر واستخدام الأوراق، إلى أعمال وخدمات إلكترونية تنفّد بسرعة ودقة  باستخدام تقنيات الإدارة الالكترونية ، وهو ما يطلق عليه إدارة بلا أوراق. فهي وسيلة لرفع مستوى الأداء  الإداري من أجل  تحقيق الكفاءة و الفعالية ، وهذا التحويل ليس بديلا عنها ولا يهدف إلى إنهاء دورها، بل يصبو إلى إدارة يمكن فيها استخدام وتوظيف واستثمار الأرشيف الإلكتروني والبيانات والمراسلات الالكترونية على جميع الأصعدة : محليا وجهويا ومركزيا .
    ومن حسنات هذه الإدارة التي تفرض ذاتها بإلحاح أنها إدارة بلا مكان ، فاعتمادها على وسائل الاتصال الحديثة يتيح إمكانية انتقال المعلومة بالسرعة القصوى ، كما أنها إدارة بلا زمان، إذ تعمل  24 ساعة و7 أيام في الأسبوع و 365  يوما في السنة ، أي أنها إدارة تعمل في الزمن الحقيقي 24 ساعة. وهذا يتطلب بنية تحتية مناسبة وقادرة على إستيعاب المستجدات و أعداد المتعاملين و إعدادهم ، إضافة إلى موظفين يتمتعون بقدرات وإمكانات للتعامل مع هذه التقنيات الحديثة وخاضعين لتكوين في هذا المجال . وبالمقابل أيضا لابد أن يكون المواطنون أو المتعاملون مع الإدارة – الآباء في حالة برنامج مسار - قادرين على استخدام التقنيات الحديثة .
2 - ما هو مسار ؟:
         لقد اقتضت ضرورة انفتاح الإدارة المدرسية على محيطها إتاحة الفرصة للمتعاملين والمستفدين من خدمات المرفق العمومي  من أجل الوصول إلى المعلومة  وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص ونحن جميعا نعرف أهمية امتلاك المعلومة في هذا المجال  في تحديد مسار التمدرس .
    لقد جاء في تصدير هذا البرنامج على موقع وزارة التربية الوطنية ما يلي : " هو برنامج اعتمدته الحكومة المغربية في وزارة “التربية الوطنية” بالتنسيق مع شركة مايكروسوفت حيث اعتمد " مسار " بغية إتاحة فرصة للآباء وأمهات الطلاب مراقبة أبنائهم والنقاط أثناء فترة الدراسة . حيث إن برنامج مسار يعمل عبر الانترنت من خلال موقع ويب، الذي تم اعتماده من “وزارة التربية الوطنية في المغرب” يمكن الآن لكل آباء وأمهات التلاميذ لمعرفة نتائج الجهود التي تبذلها أطفالهم في المدارس ورصد عدد حصص الغياب والحضور ومعرفة أوقات امتحانات التلاميذ ونقاط المراقبة المستمرة بالإضافة إلى نقاط الامتحانات عبر نظام مسار الالكتروني  " .
وتروم الوزارة من خلال تبني مسار إلى تحقيق ما يلي :
-        إرساء تمشي الجودة الشاملة بالمؤسسات التربوية
-        إعداد مرجعية الجودة للمؤسسات التربوية انطلاقا من معايير وطنية و عالمية. .
-        إحداث مراكز إشعاع داخل الجهات.
-        إدماج و توظيف تكنولوجيات المعلومات و الاتصال في التعليم و التعلم بنجاعة.
-        ترسيخ مكونات الإصلاح التربوي.
3- مسار مسار :
    إن الطموح إلي تحقيق الجودة في الأداء الإداري يقتضي تحقيق تراكم من الممارسة ورغبة ملحة في تجاوز الإشكالات التدبيرية التي تواجهها المنظومة بالتوازي مع التوجهات الحكومية التي تسعى تحديث المرفق الإداري العام وهذا ما جعل  مشروع منظومة تدبير التمدرس  يأتي ضمن سياقات متعددة :
-          التوجيهات الحكومية لسنة(2012)   بجعل المؤسسة التعليمية في قلب اهتمامات قطاع التعليم المدرسي وكذا تعزيز دور الحكامة في النظام التربوي.
-          مخطط عمل وزارة التربية الوطنية  2013-2016 من خلال أهداف مسطّرة تروم تطوير وإرساء نظام معلومات متكامل ومندمج يشمل جميع مجالات التسيير والتدبير انطلاقا من المؤسسة التعليمية إلى الإدارة المركزية مرورا بالنيابة الإقليمية والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين.
-         السياسة الحكومة الرامية إلى تطوير وتنمية الحكومة الإلكترونية E-Gouvernement إذ يعتبر مشروعا استراتيجيا وذي أولوية قصوى بالنسبة للوزارة في مجال تطوير خدمات إلكترونية للتلاميذ وأولياء التلاميذ.
مقتضيات المخطط الاستراتيجي لمنظومة الإعلام (2014-2012) والذي يجعل من المتعلم صلب اهتمام منظومة إعلام التربية والتكوين  ومن المؤسسات التعليمية المنطلق الأساسي لتطوير هذه المنظومة.
و يهدف مشروع منظومة تدبير التمدرس إلى إرساء طرق عمل جديدة للتدبير والتواصل بالمؤسسات التعليمية من خلال مكونين أساسيين :
أ - إنجاز المنظومة المعلوماتية لتدبير المؤسسات التعليمية
–       إحداث قاعدة معطيات التلاميذ
–       التتبع الفردي للتلاميذ : التمدرس ، الحركية ، التقويم....
–       تدبير الزمن المدرسي  و التدبير البيداغوجي للموارد البشرية وتسيير البنيات التربوية
–       تدبير عمليات الدعم  الاجتماعي...
ب - تطوير الخدمات الإلكترونية لفائدة المتعلمين
–       تطوير مونوغرافيا المؤسسات التعليمية وإحداث المواقع الخاصة بها.
–       إحداث فضاء آباء و أولياء التلاميذ  
–       إحداث فضاء التلاميذ ...
المبادئ العامة لمسار حسب وزارة التربية الوطنية  :
  • اعتماد منظومة مندمجة تستوعب من بين مكوناتها البرانم المعلوماتية المستعملة سابقا .
  •  اعتماد التدرج في تطوير مكونات المنظومة وإرسائها لتمكين المستعملين من استيعاب طرق العمل الجديدة  ولتسهيل الانخراط
  • اعتماد المقاربة التشاركية مع المديريات المركزية والأكاديميات الجهوية و النيابات وكذا المؤسسات التعليمية في مجمل مراحل المشروع .
  • اعتماد منهجية  قيادة التغيير عبر التواصل والتكوين والدعم التقني عن قرب على جميع المستويات وخصوصا المؤسسات التعليمية.
  •  اعتماد تقنية (mode off line ) تمكّن من العمل  في حالة عدم توفر الربط بشبكة الانترنيت بالمؤسسات التعليمية
  • اعتماد منظومة تستجيب للحاجيات التدبيرية للمستعملين وتوفر الخدمات الإلكترونية للمستفيدين .
4  - شروط التنزيل :
إن تنزيل برنامج مسار يقتضي أن نسعى إلى تحقيق مجموعة متلازمة من الشروط والتي بإمكانها توفير شروط نجاحه على عدة مستويات :
  •     على مستوى البنية التحتية :

-         تجويد البيئة المدرسية وتوفير شروط الحياة المدرسية الملائمة وإدارة وتنمية الموارد البشرية بطرق عقلانية وفعّالة .       
-         اعتبار الاستثمار في التربية استثمارا في التنمية الشاملة وفي مستقبل الوطن وأن أي نقص في مجال التربية والتكوين لا يمكن التغلب عليه مهما تقدمنا في المجالات الأخرى مستقبلا .
-         توفير وتحديث الوسائل اللوجيستيكية و الأجهزة الإعلامية  وتوظيفها بنجاعة وفعالية .
-         ضرورة توفير كل الموارد المالية والاستثمارية اللازمة للنهوض بقطاع التعليم وعلى مختلف مراحله .

  • ·        على المستوى التدبير البيداغوجي :
              إن الهدف من تبني برنامج مسار هو تجويد الفعل التربوي أولا و أخيرا والرفع من مستوى الأداء التربوي ومردودية المنظومة التربوية لكن هذا يفرض علينا إعادة النظر في منظومة التقويم وشروط التمدرس ( الاكتظاظ ، حصص الدعم ، الفوارق بين مسارات ومخرجات التعليمين العمومي والخصوصي .....) . وتشجيع وتحفيز و توجيه البحث العلمي والتربوي بما يخدم متطلبات التنمية المستدامة . وإعادة تقييم وتحديث  المناهج والبرامج وجعلها متوافقة مع المتطلبات الملحّة للعولمة وربطها باحتياجات المجتمع والتنمية مع مراعاة الخصوصية الوطنية والمحلية. و العمل على تطبيق إدارة الجودة وربط المسؤولية بالمساءلة و فتح نقاش وطني حول الاختيارات اللغوية ولغات التدريس .
  • ·        على مستوى الحياة المدرسية :
-         ضرورة العمل على إرساء ثقافة الشراكة بين المدرسة ومحيطها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي و إقامة شراكة فاعلة مع أولياء التلاميذ .
-         العمل على إيجاد السبل القمينة بتحقيق الثقة بين جميع المتدخلين .
  إن السعي إلى تحديث التدبير الإداري والذي يمكن اعتبار برنامج مسار حلقة من حلقاته في مسار طويل يستهدف تحقيق الغايات الإستراتيجية التي تنشدها الوثائق و التوجهات الرسمية  وطموحات المجتمع والتي منها تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وتوفير تقويم تربوي ذا جودة ، يبقى سعيا طموحا ومحمودا . ومهما اختلفت التسميات فان لكل منظومة تربوية متقدمة في العالم مسارها و إن بتسميات مختلفة تتناسب مع خصوصياتها الثقافية ، ومسارنا نحو تحديث الأداء الإداري في مختلف مستوياته  يقتضي سلك هذا المسار.




ضع بريدك ليصلك جديدنا:


بعد إدخال بريدك الإلكتروني المرجو تفعيل الإشتراك بالضغط على الرابط الذي سيصلك إلى بريدك الإلكتروني.
المشتركون لحد الآن
ششارك على جوجل بلس

عن tarrbia

أكتب هنا نبذة عنك للتعريف بنفسك.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أقسام المدونة