الإضـرابات والعطـل غير المبررة تفسـد التعليم

السلام عليكم
المطالبة بإحياء العمل النقابي النبيل والتشبع بقيم النضال الحقيقية
رغم الصمت الذي يبديه آباء وأولياء التلاميذ حول ما يقع من مآس لفلذات أكبادهم الذين يحرمون من متابعة دراستهم بسبب الإضرابات المتتالية لرجال التعليم، إذ انقسموا إلى فئات باتت مطالبها متضاربة بعد التشتت المؤلم للمشهد النقابي التعليمي، فإن ما يجري في المدارس العمومية من استهتار مصير الأبناء يحز في نفوس الأسر، لأنه يدق
آخر مسمار في نعش المدرسة العمومية التي تحولت إلى فضاء للصراع النقابي غير المسؤول ما أفقدها مكانتها وهيبتها في المجتمع.
اعتبر ولي أمر تلميذ بمدينة أزيلال أن ما يقع من إضرابات متتالية في الإقليم  يعود إلى بالأساس إلى غياب التأطير النقابي الذي أصبح حكرا على نقابات انحرفت قاطرتها عن سكة الحقيقة، وباتت تحرك "مناضليها" غايات مضمرة بعيدة عن اهتمامات المدرسة المغربية، في حين يحتضر تلاميذها في صمت بسبب غياب التشبع بالمبادئ وأخلاق النضال التي يستحضرها العمل النقابي النبيل بعيدا عن الفردانية وهواجس الذاتية.
وبالتالي، يقول المصدر نفسه، بتنا نعيش أزمة ضمير بعد أن توارت مبادئ النضال الحقيقي أمام الطموحات الفردية، وتحول الانتماء إلى نقابة ما جواز مرور يستعمل لتحقيق غايات منحطة قلبت موازين الحقيقة إثر ابتلاء الساحة النقابية بأشباه مناضلين تسللوا إلى قواعدها من النوافذ.
وتساءل المصدر ذاته عن هوية رجل التعليم في الوقت الراهن، وكذا امتداداته وتمثلاته المشرقة التي كان يستمدها من الرسالة النبيلة المنوطة به في المجتمع بعد أن كان يمثل القدوة الحسنة، مؤكدا أن الإضرابات المتتالية بجهة تادلا وبالأخص في نيابة أزيلال غير مقبولة، سيما بعد أن قررت  النقابات الخمس جملة من الإضرابات خلال ثلاثة أسابيع متتالية، توجت بالعدول عن العمل ثلاثة أيام في كل أسبوع تحت ذريعة المطالبة بجعل إقليم أزيلال ضمن المناطق النائية للاستفادة من التعويضات المرتقبة ما يفضي بعد القيام  بعملية حسابية إلى نتيجة تتمثل في ضياع شهر كامل من الدراسة يخصم من الزمن المدرسي للتلميذ الذي أصبح في عطلة طويلة الأمد.
وأضاف أن التلاميذ نظموا إضرابات صاخبة الاثنين الماضي احتجاجا على ما أسموه إضرابات الأساتذة فضلا عن الإضرابات الفئوية التي تنظمها فئات تعليمية من قبيل (الملحقين التربويين والأساتذة المدرجين في السلم 9 والمعلمين المجازين...)، ما يتطلب وقفة تأملية للبحث عن صيغ جديدة وفعالة في أسلوب الاحتجاجات التي باتت موضة جديدة أفرزها تبدل قيم المجتمع إضافة إلى غياب تأطير الشغيلة التعليمية من قبل النقابات التي تخلت عن القيام بدورها بعد قدوم الزعماء الجدد.
من جهته، دق متتبع للشأن التربوي ناقوس الخطر بعد أن تجاوزت الإضرابات بجهة تادلا حدود المنطق النضالي بتسجيلها نسبة عالية من هدر الزمن المدرسي مقارنة مع المواسم السابقة ما أثر سلبا على السير العادي للمؤسسات التعليمية التي هجرها التلاميذ بعد أن استهوت "الأشكال النضالية" نقابات لم تراع مصلحة التلميذ، وفضلت ركوب التحدي غير المبرر دون أن تستحضر  تبعات التوقف عن العمل لأسباب تعتبر في بعض الأحيان تافهة.
وذكر المصدر ذاته، أن بعض النقابات التعليمية تتحدث في بياناتها عن ضرورة الحفاظ على مكاسب المدرسة العمومية المستهدفة من قبل جهات ترغب في خوصصة التعليم، لكن قرارات الإضرابات التي تعلنها تباعا يسرع وتيرة إقبار المدرسة العمومية ويشجع التعليم الخصوصي الذي أصبح في منآى من تبعات الإضربات، سيما أن المضربين يمتنعون عن العمل في المدرسة العمومية فيما يلتحقون بمؤسسات خصوصية في اليوم نفسه لإنجاز حصص مؤدى عنها تاركين عددا من التلاميذ عرضة للضياع، وبالتالي فإن المدرسين العاملين في المدارس العمومية سيما الذين يتبجحون بالحفاظ على مؤسساتهم العمومية ينفذون خطة محبوكة من قبل صناع قرار نسجوا هدما مبنينا للمدرسة مقابل تشجيع التعليم الخصوصي الذي يؤدي فيه المدرسون واجبهم بانتظام، رغم أنهم يتقاضون أجرا هزيلا أقل بكثير مما يتقاضونه في مؤسساتهم  العمومية.
وخلص مواطن، إلى ضرورة تسريع استصدار قانون للإضراب وإخراجه إلى الوجود للحد من النزيف الذي تعانيه المدرسة المغربية التي أصبحت مرتعا لممارسات غير مسؤولة يروح ضحيتها تلاميذ ينتمون إلى فئات اجتماعية فقيرة تعاني أوضاعا صعبة، غالبا ما تجد نفسها عرضة للشارع لأنها قضت سنوات عجافا بين أحضان  المدرسة المغربية التي لم تقدم لهم حلولا ناجعة للحيلولة دون انقطاعهم عن الدراسة، علما أن أبناء الطبقة الميسورة، وكذا زعماء النقابات الذين يقررون الإضربات يدرسون أبناءهم بمؤسسات خصوصية تمنع فيها الإضرابات رغم أن أوضاع مدرسيها في أسفل الدرك.
الوفـا يـراهن عـلى قـانـــون للإضــراب
اعتبر محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، الذي ووجه باحتجاجات أعضاء نقابات تعليمية بجهة تادلا أمام مقر الولاية، حيث كان يعتزم ترؤس المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة تادلا، أن هذه الاحتجاجات غير قانونية لأنها لا تتوفر على رخصة تخول لأصحابها  التظاهر وسط الشارع، سيما أن المغرب بلد يملك تاريخا عريقا ومؤسسات ديموقراطية وقوانين وتشريعات تنظم الحياة العامة للبلاد، وبالتالي فإن حق التظاهر في بلد ديمقراطي يضمن الحريات لأبنائه يتطلب التوفر على سند قانوني  احتراما للقانون.
وشدد الوزير على  تسريع وتيرة استصدار قانون الإضراب لوضع حد للتسيب التي تعيشه المدرسة المغربية رأفة بأبناء الشعب المغربي الذي يعيشون وضعا مؤلما بسبب الإضرابات المتكررة التي أفقدت طعم الدراسة.
كما ربط الوزير التكوينات المرتقبة  بحاجيات المدرسين التربوية والمعرفية لجعلهم قادرين على الانخراط في التعبئة الشاملة التي تعيشها منظومة التربية والتكوين ببلادنا دون أن يغفل الحديث عن التحديات التي تنتظره خلال الدخول التربوي القادم، سيما أن الميزانية المقبلة للوزارة حددت المناصب المستحدثة في ما يقارب 17 ألف منصب جديد، وخصصت لوزارة التربية الوطنية ما يقارب 7000 منصب، في حين أن حاجيات المدرسة المغربية تتطلب توظيف 15 ألف مدرس جديد لسد الخصاص.
وكانت النقابات التعليمية (النقابة الوطنية للتعليم( ك.د.ش) والجامعة الوطنية للتعليم (ا.م.ش) والنقابة الوطنية للتعليم ف.د.ش والجامعة الوطنية لموظفي التعليم) احتجت مساء الجمعة الماضي، تنفيذا للبرنامج النضالي الذي كان يروم تصحيح بعض الاختلالات ودفع منظومة التعليم إلى آفاق أرحب بالجهة، إذ استقبل المحتجون وزير التربية الوطنية بالشعارات المنددة بما آلت إليه الأوضاع التعليمية، مطالبين إياه بوضع حد لمعاناة رجال التعليم وطنيا وجهويا مع وقف الاعتداءات التي يتعرضون لها أمام مقر وزارة التربية الوطنية، وكذا إنصاف فئات تعليمية تعرضت للحيف الذي كرسته سياسات تعليمية سابقة لم تكن تعمل إلا لإسكات أصوات المدرسين لاجترار معاناة سيزيفية لم تورثهم إلا المآسي الحقيقية (المساعدون التقنيون والإداريين المجازون، أساتذة الإعدادي غير المجازين الأساتذة المرتبون في السلم 9، وأساتذة الحزام الجبلي الحراس والنظار، وخريجو المدارس العليا المستشارون في التوجيه والتخطيط، وهيأة الإدارة التربوية).
ورفع المحتجون خلال الوقفة التي عرفت حضورا مكثفا للمكاتب الجهوية للنقابات المعنية شعارات تندد بما آلات إليه الأوضاع التعليمية بالجهة مطالبين بتفعيل ما تم الاتفاق عليه من التزامات، لما فيه فائدة للمنظومة بالجهة.
سعيد فالق (بني ملال)
ششارك على جوجل بلس

عن tarrbia

أكتب هنا نبذة عنك للتعريف بنفسك.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات الفيس بوك

1 التعليقات :

  1. كفى تكالبا.... فكلما أرادت الأجهزة المخزنية استصدار أو تمرير قانون جديد الا وجيشت أمثالك على التعبئة لذلك عوض تنظيم نقاش جاد يشارك فيه جميع المتدخلون من أساتذة وأباء ومسؤولين من أجل ايجاد صيغة توافقية نضمن بموجبها توفير الخدمات للمواطنين مع مراعاة اعطاء الحقوق لأصحابها وعدم التضييق على الحريات ونعت الأساتذة بعدم المسؤولية.فسبب المشكلات معروف للجميع وتتحمل الحكومة السابقة ما وصل اليه تعليمنا.فأين المحاسبة لرموز الفساد؟ وكذلك النقابات المسترزقة.أين مصير مليارين تصدقت بهما الحكومة السابقة لنقابات الذل؟
    الحل هو اعطاء الحقوق الى أهلها مع اعتماد مبدأ المحاسبة المبني على النتائج.
    والله ولي التوفيق

    ردحذف

أقسام المدونة