دور المدرسة لا يقتصر على تحصيل المعارف والمناهج بل تنمية القدرة على الإبداع والاختراع
لا يقتصر دور المدرسة، على تحصيل المعارف والمناهج، بل يمتد ليشمل تنمية القدرة على الإبداع والاختراع وسهولة الاندماج في المجتمع، اعتبارا لكونها "المدرسة مؤسسة اجتماعية وتربوية ذات وظيفة سوسيولوجية وتربوية هامة، تقوم بتربية النشء ورعايته وتأهيله ودمجه وتكييفه مع المجتمع، لتكوين المواطن الصالح" يقول أستاذ متحمس لمبادرات تأسيس أندية تربوية. هذه الأندية تعتبر، في نظره، "لبنة هامة من لبنات تفعيل أنشطة الحياة المدرسية، فهي أماكن يجتمع فيها التلاميذ لممارسة نشاط ثقافي وفكري معين استثمارا للوقت الفارغ، وتعمل على خلق مجموعات متجانسة لتحقيق خبرات وكفايات تربوية تحت إشراف تربوي، تنمي الأبعاد الشخصية والإنسانية للتلميذ وتعوده على مبادئ التسيير والتعرف على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان. عدة أدوار تلعبها تلك الأندية، بحسب حميد موقدمين أستاذ الاجتماعيات بنيابة تاونات، لأهميتها في تنمية القيم والاجتهادات والميول والمهارات وممارسة كل أشكال العمل الفردي والجماعي، والتعلم الذاتي ولعب الأدوار والعمل بالمهمة والمجموعات والبحث الوثائقي وتحقيق المقاربات التشاركية والحقوقية، ومقاربة الإنصات والنوع والتدبير بالنتائج بشكل تعاقدي.
ويقول حميد إن من بين أهداف تلك الأندية، محاربة الشغب وفكر الانحراف للتلميذ، المستفحل بشكل مهول، إلى حد أصبح معه ظاهرة مستشرية تستدعي إعداد مدرسة فاعلة بأطر محترفة ورؤية وأهداف مشتركة وإيجاد البيئة التعليمية الإيجابية، ويفرض إعادة توجيه التلميذ المشاغب، الوجهة السليمة والمساهمة في تربيته ليصبح فردا صالحا في المجتمع.
ويشير عبد الله البقالي معلم بنيابة مولاي يعقوب، إلى أن هذه الأندية غالبا ما تكون بمبادرات فردية، رغم حجم المذكرات التي "لا تدعو للانفتاح في هذا الاتجاه"، وتحدث عن تجاوب التلاميذ اللامحدود مع أنشطة تلك الأندية، مقارنة مع تجاوبهم مع عملية التحصيل داخل القاعات والأقسام، مقابل تبرم ونفور الأطراف المشرفة، وسيل المذكرات الداعية لممارسة أنشطة في شتى المجالات والمحددة للكيفية والعناصر، لكن المشترك بينها اشتراطها، أن تكون خارج أوقات العمل، "ما يثير الاستفسار حول مفهوم العمل لدى المشرفين عليها".
ولا تنكر ليلى الملولي، نائبة رئيس جمعية آباء وأولياء تلاميذ إعدادية المختار السوسي بعين النقبي بفاس، أهمية تلك الأندية، في تربية شخصية التلميذ، وحجتها ما حققته المؤسسة، من نتائج من خلال ناديي الصحة والبيئة، وفوز تلميذ بها بجائزة مسابقة الشعر المنظمة من قبل دارة الشعر المغربي، داعيا إلى تشجيع مثل تلك المبادرات التي لا تنفي صورية بعضها.
نادي الصحة بالإعدادية، نظم عدة أنشطة تحسيسية بالصحة والتلقيح ولفحص الأسنان والتبرع بالدم، فيما تكلف نادي البيئة بغرس 476 شجرة بها وفي محيطها، لكن ليلى تلح على ضرورة اهتمام الوزارة الوصية، بإحداث مراكز استماع إلى التلاميذ لأنهم بحاجة لمن ينصت إليهم وإلى مشاكلهم خاصة في الأحياء الشعبية المهمشة.
وتقول ليلى إن الإعداد جار لإنجاز فيلم تربوي حول داء السل عنوانه "مسالك" لتحسيس التلاميذ بهذا الداء ومسالك ولوج مجانية العلاج منه، مشيرة إلى أن المعلم توفيق هو الذي كتب له السيناريو، فيما يرتقب أن يشخصه تلاميذ الإعدادية الذين اعتبروه تجربة مهمة في ميدان الأندية التربوية، عكس ما هو الأمر في بعض المؤسسات التي تبقى فيها تلك الأندية، "مجرد هياكل للتباهي".
ويضرب حميد موقدمين، نموذجا لتجارب عايشها وساهمت بشكل كبير في إدماج التلميذ المشاغب الذي "إذا كان متميزا بشقاوته، فهو أيضا متميز بإبداعه فأحلامنا وأهدافنا في جعله مبدعا ليست ضربا من الخيال الذي يستحيل تحقيقه، بل أثبتت التجارب أن التلميذ المشاغب قادر على العطاء والخلق إذا صقلنا شعلة الإبداع الموجودة فيه".
ومن جملة هذه التجارب، ما نظمه "نادي البيئة" وأندية اليونسكو والموسيقى والفن التشكيلي بالثانوية الإعدادية بتيسة بنيابة تاونات، من أوراش متعددة لم تكن من باب التسلية والترويح عن التلاميذ فقط، بل كان من أهم أهدافها تنمية الناحية الوجدانية وتدريب الحواس لديهم في فترات الفراغ والصمت، لأن "التلميذ إذا لم تشغله، شغلك".
ونظم نادي البيئة، العديد من الأوراش في مجال التشجير داخل المؤسسة والحملات التحسيسية حول المحافظة على البيئة، فيما شارك نادي اليونسكو في المسابقة الوطنية للمدارس المنتسبة لليونسكو والمسابقة الدولية مونديالوكو بألمانيا بأعمال فنية حول التراث المحلي الحياني، وهو الآن بصدد المشاركة في المسابقة الوطنية في علم الفلك. تلك تجارب يعتز بها حميد موقدمين، شأنها شأن مشاركة نادي الموسيقى خاصة فرقة صدى الروح، في عدة حفلات ومناسبات ثقافية محلية وإقليمية وجهوية، فيما شارك نادي الفنون التشكيلية في المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بمدينة فاس، في مبادرات قال إنها "رغم أهميتها تبقى محدودة في نظرنا، آملين مشاركة كل الفاعلين التربويين".
ويقول إنه يجب على الوزارة تفعيل دور الأندية التربوية، ليس من خلال المذكرات الوزارية فحسب، بل عن طريق توفير أساتذة مؤطرين في التنشيط تكون لهم علاقة مع دور الشباب والمجتمع المدني في إطار انفتاح المؤسسة على محيطها، لأن "تلميذ اليوم هو رجل الغد يجب إعانته ومنحة الفرصة للتخيل وتحليل الإحساس بالحياة والجمال والاعتراف بموهبته الفذة الدفينة.
وبرأي الأستاذ حميد موقدمين، لا تجب الاستهانة بمواهب المشاغبين من التلاميذ، لأن علماء النفس الإبداعي والتربية، يجمعون على أن "الشغب قد يكون عنوانا للموهبة والإبداع، والأنشطة الموازية، هي ميدان تفجير المواهب لتغذية معاهدنا العليا بالطاقات الواعدة في إطار تجديد الأسماء والوجوه في جميع الميادين خاصة المسرح والرياضة والموسيقى والشعر والقصة والرسم.
حميد الأبيض
الصباح التربوي
0 التعليقات :
إرسال تعليق