الدرس التقليدي: الحسن اللحية

السلام عليكم
الدرس التقليدي:
الحسن اللحية
ينبغي الابتعاد قدر الإمكان عن الاهتمام الكبير بجعل التلميذ يجهد نفسه لتخزين المعارف. لا يتعلق الأمر هنا، في نظر جيرار دو فيتشي، بالشرح الجيد، بل بالاشتغال بطريقة تتطلب رؤية أخرى للمدرس كما هو الحال بالنسبة للتلميذ .
يمكن تلخيص الطرق الديداكتيكية المعتادة فيما يلي:
- ينتقي المدرس الفكرة أو المفهوم المراد تدريسه؛
- يدقق الأهداف،
- يجد تطورا منطقيا؛
- يحدد مجموعة من الأنشطة أو التمارين التي ستنجز في الفصل؛
- يقوم المكتسبات بتمرين أو تمارين قريبة من النشاط تكون متماسكة ومتناسقة مع المقروء والمدروس من طرف التلاميذ.
نستخلص مما تقدم أن المدرس:
- يختار وينتقي؛
- يحدد ويعرف؛
- يضع منطقا لتطور الدرس أو لبنائه؛
- يدفع التلاميذ للقيام بإنجاز ما؛
- يقوم المكتسبات.
غير أن ما يستخلص من كل هذه الأدوار الكلاسيكية للمدرس أن التلميذ لا وجود له في كل هذا! هل تسمح هذه الطريقة للتلميذ بتملك أو بناء معارفه وكفاياته؟ هل تسمح هذه الطريقة بتنمية استقلاليته، وجعله مسؤولا يستدمج مواطنة جديدة...أم أن كل ما يقوم به كل من المدرس والتلميذ هو تعليم وتعلم الخضوع والولاء والارتباط والتبعية؟
لا يتعلق الأمر هنا بجعل الطفل في مركز الاهتمام أو بتشييد بيداغوجية تجعل الطفل ملكا l’enfant-roi ، فيقال: أيها الأطفال فيم ترغبون القيام به الآن...إنكم في مركز الاهتمام، أحرار افعلوا ما يحلو لكم، واطلبوا ما يحلو لكم ؟؟؟ إن الأمر يتعلق بوضع تصور لوضعيات تضع المتعلم أمام معارف وتمارين تجعل المتعلمين هم الفاعلين الحقيقيين...هم النشطاء فكريا ويدويا .
إن معظم الأنشطة المقترحة أو المفروضة في القسم لا معنى لها بالنسبة للتلاميذ. نعلم بأن التلاميذ لم يعد اهتمامهم كبيرا بالنحو والأشكال الهندسية والقواعد الرياضية... فهمنهم من يجد المعنى في النجاح حصرا أو في مشروع يرتبط باجتياز امتحان أو مرتبط بالتقدير أو الحصول على نقطة جيدة. ونحن نتساءل حينما لا يوافق المحتوى مصلحة التلاميذ ألا يمكن إبداع المعنى عن طريق وضعيات معيشة ؟ 
لكي يحصل التعلم في القسم يجب أن نشعر بوجودنا الفعلي، ولكي يتم ذلك يجب الاعتراف بنا (الاعتراف المتبادل بين التلميذ والمدرس). وليعترف المدرس بالتلميذ عليه أن يستمع له ويحترمه. والمؤسف أنه في ثقافتنا أن التلاميذ هم من عليهم الاستماع واحترام المعلم-المدرس- المكون.
إن المسألة تتعلق بتربية على المواطنة تجعل التلاميذ مستقلين ومسؤولين عوض استغراق الوقت في جعلهم اتباعا. فيقال علنا أو خفية: عليكم القيام بكذا أو كذا، قوموا بكذا، طبقوا كذا.... إن بناء المعارف لا يكون خطيا لأنه يتطلب الانعطافات، بل وحتى العودة المتكررة للوراء .
علينا أن نعي الوضع الذي توجد عليه المدرسة اليوم. هناك من يجتهد ليقيم أجهزة للمراقبة في المؤسسات التعليمية عوض الاجتهاد في إعطاء الحرية الفكرية للتلاميذ. ومن جانب ثان لابد وأن نذكر بأن الأطفال اليوم يستعملون اللعب الالكترونية والحاسوب والفيديو والانترنت ...إلخ في منازلهم مما يجعل المدرسة أقل جاذبية بملفاتها وتمارينها ومستنسخاتها...إلخ. إن فضاء يغيب فيه المعنى (كالفضاء المدرسي) يغيب فيه المستقبل . هل الحضور إلى المدرسة يوميا هو مهمة المدرسة؟ هل الحضور إلى جانب الأصدقاء والصديقات ونسج العلاقات بين الأقران هو ما تبقى للمدرسة؟...
نعتقد عن خطأ بأن المدرسة تنقل المعرفة. إنه نفاق كامل لأنها لا تقوم بذلك. يقضي المتعلم سنوات وهو يتعلم اللغة العربية أو الفرنسية، وربما يتعلم كل ذلك وغير ذلك من المستوى الأول ابتدائي إلى ما بعد الباكالوريا، غير أنه لا يعرف طرح السؤال المناسب بهذه اللغة أو تلك حينما يكون في وضعية تتطلب منه الحديث بلغة معينة. ويعني هذا الأمر أن التلميذ يتعلم في المدرسة شيئا آخر، يتعلم شيئا آخر غير معلن عنه كأن يكون طيعا وخاضعا ومؤمنا بالتراتبية والهيمنة والعبودية، يتعلم كيف يمحق ويصير عبدا جيدا وأليفا. وبالجملة يتعلم كل ما لا يقال علانية.
يطلب المدرس(ة) من التلميذ أن يكون طيعا وخاضعا، وهذا ما يهم في نهاية المطاف وليس المعرفة .



ضع بريدك ليصلك جديدنا:


بعد إدخال بريدك الإلكتروني المرجو تفعيل الإشتراك بالضغط على الرابط الذي سيصلك إلى بريدك الإلكتروني.
المشتركون لحد الآن
ششارك على جوجل بلس

عن tarrbia

أكتب هنا نبذة عنك للتعريف بنفسك.
    تعليقات بلوجر
    تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق

أقسام المدونة