عبدالاله الحلوطي في حوار مع يومية الأخبار:نصف إصلاح المنظومة بيد رجال ونساء التعليم
التوافق الذي توصلنا إليه مع الوزارة لا يتعارض مع القانون ولا يستثني أحدا من تطبيقه
نص الحوار:
1- ما هي حقيقة التناقض الموجود بين بيان النقابة وبلاغ الوزارة بخصوص ملف الأساتذة الحاصلين على الشواهد؟
بالنسبة لتضارب البلاغات والبيانات المتعلقة بنتائج لقاء وزير التربية الوطنية السيد بالمختار والوزير المنتدب السيد الكروج والكتاب العامين للنقابات التعليمية الخمس يوم 6 مارس في موضوع الترقية بالشهادات لابد من التنبيه أن اللقاء لم يكن سريا ولم يكن بين طرفين اثنين يمكن أن يتنصل أي منهما من التزاماته تجاه الآخر كما أن مناقشة الموضوع كانت من الوضوح ولمدة تتجاوز ثلاث ساعات ما لا يترك مجالا للتأويل والتأويل المخالف . اللقاء المعني حضره السيدان الوزيران والسيد الكاتب العام والسيد مدير الموارد البشرية والكتاب العامون للنقابات التعليمية الخمس، وكان الموضوع في جوهره - بغض النظر عن جزئياته- التي ستناقش في الحوار حول الملف المطلبي العام ، يتلخص في توقيف المعنيين لإضرابهم واعتصاماتهم والتحاقهم بأقسامهم وفتح الباب لاجتياز مباراة ثانية في أبريل من جهة،
ومن جهة أخرى توقيف الوزارة للإجراءات التي تهدد المسار المهني للمعنيين خصوصا إيقاف الأجرة وما يتبعها من عزل . وهو ما تم الاتفاق عليه بخلاصة واضحة للسيد الوزير . وقد قمنا بذلك من باب واجبنا الوطني في إيقاف الاحتقان وتدارك زمن التلميذ الضائع وتجنيب الأساتذة المعنيين نتائج الإجراءات الإدارية بغض النظر عن موقفنا من خطوتهم النضالية وإن كنا متفقين على الحيف الذي أصاب هده الفئة بالذات التي أدت ثمن مرحلة انتقالية قانونية اعتبرنا في الجامعة الوطنية لموظفي التعليم أن المباراة حل مؤقت لرفع الحيف عن فئة محددة . ويمكن الرجوع إلى نتائج هذا اللقاء في التقارير الصادرة عن النقابات التعليمية ، وقد اطلعت على تقارير ثلاث نقابات بالإضافة إلى تقرير نقابتنا طبعا ، وكتها أجمعت على المضمون أعلاه ، وبناء على ذلك اتخذ المضربون قرارهم بتوقيف حركتهم الاحتجاجية والالتحاق بمقرات عملهم .ولذلك فبلاغ الوزارة الصادر يوم 10 مارس الذي يؤكد تشبث الوزارة بالإجراءات الإدارية العقابية اعتبرناه نشازا ومهددا لعنصر الثقة في الحوار والذي من المفروض أن يؤطر العلاقة بين الوزارة والنقابات.
2- ألا يمكن أن يؤدي التساهل في عدم تطبيق القانون في هذا الملف تحديدا إلى فتح الباب على استثناءات أخرى كما جرت العادة مرات عديدة في تاريخ الموارد البشرية بالوزارة؟
لابد من التنبيه إلى أن مضمون التوافق الذي توصلنا إليه مع الوزارة لا يتعارض مع القانون ولا يستثني أحدا من تطبيق القانون خلافا لما يدعي البعض . فقبل لقاء 6 مارس كان بعض الأساتذة المحتجين لا يسمح لهم باستئناف عملهم وبالتالي يتم توقيف الأجرة وبعد ذلك يدخل المعني في مسطرة العزل . مضمون التوافق مع الوزارة يقوم على السماح باستئناف العمل وما يستتبعه من تفادي قرارات توقيف الأجرة ، كما ستعتمد مسطرة إرحاع الراتب بناء على المساطر المعمول بها قانونيا وليس خارج الفانون . واتفقنا مع الوزارة على أن يلتحق المعنيون بمقرات عملهم في آجال محددة وقبل متم 60 يوما على إيقاف الراتب حتى لا نخل في مسطرة العزل مع فسح المجال لمباراة ثانية . وكما نلاحظ فإن كل هذه الخطوات ليس فيها خرق للقانون ولا استثناء ، بل مرونة يقتضيها الوضع لمصلحة كل الأطراف .
3- يجمع الرأي العام التعليمي على استمرار الغموض بخصوص مستقبل قطاع التعليم، من جهة هناك إجراءات أقدمت عليها الوزارة بشكل معزول مثل الباكلوريا الدولية ومن جهة أخرى هناك حديث رسمي على أن الوزير مايزال يجري تقويمه الخاص لواقع القطاع، ماهي قراءة نقابتكم لواقع الساحة التعليمية الآن؟
للأسف الشديد ، لازالت الصورة لم تتضح بعد للتعاطي مع أي إصلاح ، ومن المخجل كما قلت في المجلس الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم قبل أسبوعين أننا ومنذ استقلال المغرب ، وبعد مناظرات وملتقيات وطنية ، وبعد حكومات متعددة المشارب والاتجاهات ، لازلنا نتحدث عن أزمة التعليم بالمغرب ، ولازالت مختلف التقارير الوطنية والدولية تشهد بذلك . واليوم للأسف لم نلمس لحد الآن تصورا للإصلاح لا عند الحكومة ولا عند الوزارة المعنية ولا عند المجلس الأعلى للتعليم في حالته التي هو عليها اليوم ، رغم بعض اللقاءات والخطوات هنا أو هناك خصوصا بعد الخطاب الملكي لغشت الماضي . وفي اعتقادنا وحتى لا نضيع مزيدا من الوقت ، بين أيدينا ميثاق وطني للتربية والتكوين كأرضية أساس يمكن مدارستها واعتماد إيجابياتها وتجاوز سلبياتها واقتراح البدائل بحسب التطورات والتغيرات التي شهدها مجتمعنا في إطار توافق مجتمعي عبر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي . إن أي إصلاح لا يمكن فرضه من جهة على جهة . نعم ، إن مجتمعنا المغربي غني بتنوعه ، ولكننا مطالبون اليوم أن نتوافق على إصلاح يضمن مستقبل أجيالنا وتنمية شاملة لبلدنا دون إقصاء ولا ارتجال ، بل في إطار مواطنة تحفظ الكرامة للجميع . أما اتخاذ بعض القرارات الفوقية من طرف الوزارة المعنية - ولا يهمني هنا هل في عهد السيد الوفا أو السيد بلمختار - فإنها تتصادم مع الرأي العام التعليمي والوطني ، وتجد الوزارة نفسها في موقف دفاع . إننا نريد خطوات إصلاحية يتفق عليها الجميع ليتبناها الجميع ويدافع عليها الجميع . إن خمسين بالمائة من الإصلاح متوافق عليها خير من مائة في المائة مختلف حولها لأن التوافق يسمح لنا بالسير قدما ، والاختلاف والصراع يوقف مسيرتنا ويشغلنا باختلافاتنا ويؤخر زمن انطلاق الإصلاح. وقد يكون المجلس الأعلى في صيغته الجديدة فرصة ، شريطة مراعاة التكامل في تركيبته وفي توجهاته لتكون مخرجاته معبرة عن وجهات نظر، وليس على وجهة نظر واحدة.
4- مجموعة من المتتبعين للشأن النقابي في مجال التعليم تحديدا يسجلون هيمنة الخطاب المطلبي على مختلف النقابات على الخطاب الاستراتيجي الذي يؤسس لرؤى واضحة لإصلاح القطاع، هل تتفقون مع هذا الطرح؟
أعتقد أن كل النقابات التعليمية الجادة تحمل هم السؤال الحارق لمستقبل منظومتنا التربوية ، ونحن في الجامعة الوطنية لموظفي التعليم لم يخل مجلس وطني ولا ملتقى وطني من فتح نقاش معمق ومسؤول حول المسألة التعليمية ، ونحن منخرطون بقوة في مختلف المناسبات الوطنية للتعبير عن وجهة نظرنا . ولكن هذا لايخفي أن المشاكل العديدة والمتنوعة المرتبطة بالموارد البشرية لا تعطي المساحة الكافية في الزمن النقابي للتعاطي مع متطلبات إصلاح منظومتنا التعليمية ، وهذا ما عبرنا عنه مرارا في حواراتنا القطاعيةمع وزارة التربية الوطنية نطالبهم بحل بعض الإشكالات المرتبطة بتسوية وضعيات رجال ونساء التعليم ليخفت صوت المطالب ويعلو صوت الإسهام في الإصلاح. وعندما أطالب اليوم رجال ونساء التعليم بالتضحية ونكران الذات والصبر على شظف العيش في الجبال والصحاري وحتى في المدن ، والتغلب على الواقع العنيد لتدريس أقسام مكتظة أو متعددة المستويات وبمناهج وبرامج بعيدة كل البعد في جزء كبير منها عن الحاجات التعلمية ، فإنني أعي جيدا أن جزءا كبيرا من الإصلاح هو بيد الأستاذ والأستاذة في القسم وبيد رجال ونساء الإدارة التربوية بالمؤسسات التعليمية ، وفي ظل هذا الوضع العنيد ما فتئنا كنقابة تعليمية نوجه نداءنا للأسرة التعليمية بالمزيد من التضحية باعتبار أن نصف الإصلاح بيد رجال ونساء التعليم داخل الأقسام والمؤسسات بالتفاني في الأداء وتطوير المهارات ، أما النصف الآخر فهو قضية دولة ومجتمع ، وبتعبير آخر " أقوم بما علي تجاه وطني وليتحمل الآخرون مسؤوليتهم تجاه هذا الوطن حتى لا أرهن وطنيتي بمدى مسؤولية الآخرين ".
*حاوره المصطفى مورادي(نشر في عدد الثلاثاء 25مارس2014)
0 التعليقات :
إرسال تعليق